بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الأسى والحزن، ننعى ببالغ الأسف والحزن وفاة الأخ والزميل الفاضل الأستاذ عبدالله الجبور، الذي وافته المنية يوم الأحد، الموافق 31 ديسمبر 2023.
لقد كان الأستاذ عبدالله نموذجاً للإخلاص والتفاني والوفاء والحكمة، وقد سخَّر حياته لخدمة المجتمع وتعزيز قيم المواطنة وحقوق الإنسان، على المستوى الوطني والإقليمي، إنَّ رحيله يعدُّ خسارة كبيرة لنا جميعاً، وللمجتمع الذي خدمه بكل تفانٍ وإخلاص.
نتقدَّم بأحرِّ التعازي والمواساة لأسرته الكريمة، داعين الله عز وجل أن يتغمَّد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جنَّاته، وأن يلهم أهله وذويه وأصدقائه وزملائه الصبر والسلوان.
الأستاذ عبدالله الجبور، شخصيَّة استثنائيَّة ذات بصمة واضحة ومؤثِّرة في العمل المدني والتنموي، تسلَّم عبدالله مهام رياديَّة عدَّة، حيث عُرِفَ بتميُّزه كمدير لمركز المواطنة للتنمية المستدامة، وكمدير تنفيذي في مركز حكاية لتنمية المجتمع المدني، ساهم في رفع مستوى الوعي وتعزيز قيم المجتمع المدني، من خلال مبادرات وبرامج تنمويَّة مبتكرة.
كرئيس تحرير مجلَّة الوعي السياسي، أثرى الجبور الحوار العامّ بمقالات تحليليَّة جادَّة. ومن خلال عضويّته في هيئة تحرير مجلَّة التنويري، قدَّم مساهمات فكريَّة قيِّمة تناولت قضايا الإصلاح والتنوير. ولم يقتصر نشاطه على الكتابة والتحرير، بل تعداه إلى الإسهام كمستشار لهيئة تحرير راديو النجاح، حيث عمل على تطوير المحتوى الإعلامي والتدريبي لتحقيق التأثير الإيجابي في هذا المجال، وأنتج عددًا من برامج البودكاست كان من أبرزها الهويَّة بودكاست.
في مجال التعليم والتربية، كان الجبور عضوًا مؤسِّساً وفعّالاً في المكتب التنفيذي للرابطة العربيَّة للتربويِّين التنويريِّين، مؤمنًا بأهميَّة الدور التربوي في بناء أجيال قادرة على التفكير النقدي والعمل البنّاء، كما اختير مؤخَّراً عضوا في لجنة لإعادة كتابة مناهج التربية الوطنيَّة في وزارة التربية والتعليم الأردنيَّة.
وكباحث في معهد السياسة والمجتمع، ساهم بدراسات معمَّقة تبحث في تقاطعات السياسة مع النسيج الاجتماعي، ومن خلال عمله مع مؤسَّسة كارنيغي للسلام الدولي، قدَّم تحليلات ذات رؤى استراتيجيَّة حول السلام والنزاعات في المنطقة والعالم.
من جهة أخرى، عُرف عبدالله كمدرِّب دولي بارع في قضايا الشأن العام والمواطنة ومكافحة الكراهية، حيث أقام ورش عمل وتدريبات عدَّة حول العالم، وذلك بغية نشر الوعي وتمكين الشباب من التصدِّي للتحدِّيات المعاصرة، وكان له دورٌ فاعل ومؤثِّر في شبكة نجاح 21 الدوليَّة، والتي تضمّ نخبة من الأفراد الملتزمين بتحقيق التنمية المستدامة والنجاح في العالم العربي، بصفته مدرّبًا معتمدًا على “برنامج النجاح في عالم متغيِّر” الذي يهدف إلى تعزيز دور الشباب والمساهمة في مساعدتهم على النجاح. وكباحث في الاجتماع السياسي، تناول موضوعات معقَّدة مثل الهويَّة والانتماء وأثرها على العلاقات الدوليَّة والسياسة العامَّة.
كان الأستاذ عبدالله الجبور شخصيَّة مركزيَّة في الحلقات الفكريَّة التي تجمع كبار المفكِّرين والفلاسفة العرب، وقد امتاز بقدرته على نسج علاقات متينة وعميقة مع هذه العقول اللامعة. بفضل حضوره الفكري القوي ومساهماته النوعيَّة، كان عبدالله دائم الانخراط في الحوارات الفكريَّة الراقية، مدافعًا بقوَّة عن القيم الإنسانيَّة ومناصرًا للفكر التنويري.
من خلال جلسات حواريَّة مثمرة ونقاشات عميقة، لم يكتفِ بالاستماع والمشاركة فحسب، بل كان حريصًا على توثيق هذه المحادثات وجعلها متاحة للقارئ العربي. سعى الجبور إلى ترجمة هذه الأفكار والنظريَّات للغة يفهمها الجميع، معزِّزًا بذلك الوعي الثقافي وموسّعًا دائرة المعرفة. لقد كان جسرًا حيويًّا يصل بين الأجيال القديمة والجديدة من المفكّرين، وميسّرًا لتبادل الأفكار بين الثقافات.
إنَّ إنجازات الأستاذ عبدالله الجبور وتنوُّع أعماله تمثِّل ميراثاً فكريّاً وعمليّاً غنيّاً يُلهم الكثيرين ويُعدُّ مصدر فخر لكل من عرفه وعمل معه، ونحن بدورنا في مركز حكاية لتنمية المجتمع المدني ومركز المواطنة وكلّ المؤسَّسات التي ساهم بها الزميل عبدالله رحمه الله سنبقى على العهد نواصل المسيرة كما كان يريد ويطمح بإذن الله.
إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون
عمان، الأردن 31 ديسمبر 2023
صادر عن:
مركز حكاية لتنمية المجتمع المدني.
مركز المواطنة للتنمية المستدامة.
راديو النجاح.
مجلة التنويري.
الرابطة العربية للتربويين التنويريين.
مجلة الوعي السياسي.
شبكة نجاح 21.
